محامون يطلبون تجويد المسطرة الجنائية

قال عبد الواحد الأنصاري، رئيس جمعية هيآت المحامين بالمغرب، إن الكثير من المقتضيات الواردة في مسودة مشروع المسطرة الجنائية تحتاج إلى التجويد من خلال إضافة الكثير من الضمانات إليها على طريق تعزيز الحق في الدفاع، “اعتبارا لكون المحامي يشكل أحد الفاعلين الأساسيين في مجال العدالة، ومن مهامه مراقبة مدى حسن تطبيق ضمانات المحاكمة العادلة”.

جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها الأنصاري، مساء أمس الخميس، في الجلسة الافتتاحية للندوة الوطنية التي تنظمها هيأة المحامين بمكناس على مدى يومين، بشراكة مع جمعية هيآت المحامين بالمغرب، في موضوع “المحاماة وحق الدفاع في مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية”.

وشدد المتحدث في كلمته بهذه المناسبة، التي احتضنتها قاعة الاجتماعات بالقصر البلدي بمكناس، على أهمية دور المحامي في تنزيل مجموعة من المقتضيات الواردة في مسودة قانون المسطرة الجنائية، خاصة في مرحلة البحث التمهيدي، التي قال إنها “تتطلب أن يكون فيها دور المحامي أساسيا في جميع القضايا، وألّا يقتصر ذلك على قضايا الأحداث وذوي العاهات الخاصة”.

كما توقف رئيس جمعية هيآت المحامين بالمغرب عند موضوع امتناع بعض قضاة التحقيق عن تمكين المحامين من تصوير ونسخ المحاضر أثناء مرحلة التحقيق الإعدادي بذريعة سرية التحقيق، واعتبر أن ذلك يستلزم “صياغة نص تشريعي، واضح ودقيق، يمكن المحامي من هذا الحق، ترسيخا للحق في الدفاع وتأكيدا للحق في الحصول على المعلومة القضائية”.

وأضاف أن “هذه الندوة ستشكل فرصة لبسط وتدارس إشكالات مسطرية أخرى وتقديم مقترحات في شأن تجويدها لتصبح منسجمة مع ما تفرضه حقوق الدفاع وشروط المحاكمة العادلة”، مشيرا إلى أن قانون المسطرة الجنائية يحظى باهتمام بالغ لدى جميع المحامين، أفرادا ومؤسسات.

وشدد في هذا الإطار على أن “المحامين يحدوهم العزم الدائم على الترافع من أجل تعزيز دورهم وموقعهم في منظومة الإجراءات الجنائية بصفة خاصة، وفي جميع مساطر التقاضي بصفة عامة، حماية لحق الدفاع وضمانا لتوفير شروط المحاكمة العادلة، وتحصيلا لحقوق المواطنات والمواطنين الذين يتولون الدفاع عن مصالحهم ومؤازرتهم”.

وأشار الأنصاري، في كلمته، إلى أن “مناقشة موضوع الضمانات الإجرائية في المحاكمات الجنائية يكتسي أهمية خاصة، لما له من دور أساسي في تحقيق التوازن المطلوب بين حقوق وحرية الأشخاص وبين حماية المجتمع والنظام العام من مظاهر الجريمة وخطورة المجرمين”، مبرزا أن “ترسيخ سياسة جنائية رادعة يساهم في الوقاية من الجريمة وما قد يظهر عنها من تجليات قد تهدد النظام العام”.

ودعا إلى ضرورة المواكبة التشريعية لقانون المسطرة الجنائية، المزمع إخراجه إلى حيز الوجود، لتطور الوعي الحقوقي ببلادنا والتطور الرقمي والتكنولوجي في مواجهة مظاهر الجريمة وتطورها على المستوى الوطني والدولي.

وأردف رئيس جمعية هيآت المحامين بالمغرب بأنه “لا أحد يشك في أن مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية بصيغتها التي أعدتها وزارة العدل جاءت بمجموعة من الإيجابيات المعززة للمبادئ العامة التي تعتبر أساسا للمحاكمة العادلة، كإقرار مبدأ البراءة”.

كما نوه بالإيجابيات التي جاءت بها مسودة قانون المسطرة الجنائية على مستوى المبادئ الموجهة، كمبدأ المساواة بين المواطنين، وإلغاء حق الامتياز، والمحاكمة في أجل معقول، وحماية أفراد المخاصمة القضائية الزجرية، وترشيد الاعتقال، ودعم دور المحامي أثناء مرحلة البحث التمهيدي، والاستعانة بالتكنولوجيا والرقمنة خلال هذه المرحلة وأثناء مرحلة التحقيق الإعدادي والمحاكمة، وتنزيل الأحكام، ورقمنة الإجراءات القضائية بمقتضيات تراعي التطور الرقمي، فضلا عن المقتضيات المتعلقة بالأحداث.

من جانبه، قال سعيد بنسعيد، عضو مجلس هيأة المحامين بمكناس، في تصريح لهسبريس، إن هذه الندوة تأتي في سياق النقاش المجتمعي والحقوقي والمهني الذي يعرفه المغرب في موضوع التعديلات المتوقع إدخالها على قانون المسطرة الجنائية من خلال مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية المقبل.

وأضاف بنسعيد أن “هذه الندوة تروم تجميع آراء مختلف الفاعلين والمهتمين من أجل تقديم مذكرة ترافعية حول قانون المسطرة الجنائية المقبل، وذلك بغية تجويد النص التشريعي ليكون في مستوى ما حققه المغرب اليوم على مستوى حقوق الإنسان والحريات العامة”.

يذكر أن الجلسة الافتتاحية لهذه الندوة تميزت بحضور نائب رئيس محكمة النقض، ممثلا للرئيس الأول لمحكمة النقض الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ورئيس قطب الدعوى العمومية وتتبع تنفيذ السياسة الجنائية، ممثلا للوكيل العام لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، ورئيس الموارد البشرية بوزارة العدل، ممثلا لوزير العدل، وعامل مكناس، إلى جانب الحضور المكثف لقضاة الحكم وقضاة النيابة العامة والمحامين والأساتذة الجامعيين والحقوقيين.

وينتظر أن ترفع هذه الندوة، بعد استجماع خلاصات مناقشة محاورها المختلفة، توصياتها على شكل مذكرة ترافعية إلى وزارة العدل، تعكس وجهة نظر هيآت المحامين حول مختلف المراحل التي تخص الخصومة الجنائية في مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار