رفع سعر الفائدة بأمريكا .. كيف سيؤثر على المغرب؟

أعلن البنك المركزي الأمريكي، هذا الأسبوع، الرفع من سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 75 نقطة أساس، لتصبح معدلات الفائدة الآن في نطاق يتراوح ما بين 1,5 و1,75 في المائة، وهو أعلى ارتفاع في أسعار الفائدة منذ عام 1994. فكيف سينعكس هذا الارتفاع على المغرب؟ خاصة من حيث الدين الخارجي والواردات والصادرات.

يرتقب أن يستمر سعر الدولار في الارتفاع نتيجة لقرار نظام البنك المركزي الأمريكي القاضي برفع سعر الفائدة من أجل السيطرة على التضخم مع الحفاظ على انتعاش سوق العمل، غير أن هذا القرار من شأنه التأثير على العديد من الشركات الأمريكية والأفراد نظرا لتسببه في زيادة ثمن القروض.

 كلفة الدين الخارجي

وحول مدى انعكاس قرار البنك الفيدرالي الأمريكي على الدين الخارجي للمملكة، أوضح الاقتصادي والأستاذ بالمعهد العالي للتجارة وإدارة المقاولات بالدار البيضاء محمد الرهج، أن القروض القديمة لن تتأثر بهذه الزيادة؛ إذ ستظل عند السعر القديم، مشيرا، في المقابل، إلى أن التغيير قد يطرأ على القروض الجديدة والتي قد تكلف الدولة نسب فوائد أكبر نظرا لكون أهم القروض تتم بالدولار.

وأضاف الرهج، أن المغرب من الدول التي تلجأ للمديونية من أجل تمويل جزء من ميزانيتها، مبرزا أن هذا الارتفاع من شأنه التأثير على ميزانية الدولة.

وينتظر أن تصل موارد الاقتراض المتوسطة والطويلة الأجل في العام المقبل إلى 105,3 مليار درهم، موزعة بين 65,3 مليار درهم برسم الاقتراض الداخلي و40 مليار درهم برسم الاقتراض الخارجي، حسب ما برمج في قانون المالية.

ومازال المغرب لم يلجأ إلى طرح سندات في السوق الدولية في العام الحالي، فقد كانت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح علوي، أكدت بمناسبة مناقشة مشروع قانون مالية العام الحالي، أن توقيت اللجوء للاقتراض من السوقين الخارجي والوطني، يجب دراسته بعناية، مشيرة إلى أن الاقتراض من السوق الخارجي في العام الماضي تم في الوقت المناسب ما أعطى نتائج جيدة.

وشددت على أنه يجب في العام الحالي مراقبة كيف ستتصرف الأسواق المالية من أجل الاختيار بين الحلول الداخلية والخارجية، من أجل تحقيق تمويل بشروط جيد، ما يعني أن الحكومة ستستحضر عند اللجوء للاقتراض من السوق الخارجية، سعر الفائدة وكلفة المخاطر.

وعلى مستوى الواردات، أكد الاقتصادي أن ارتفاع سعر الدولار سينعكس، كذلك، على كل مقتنيات المملكة ووارداتها من الخارج، مشيرا إلى أن بعض المقتنيات التي لها وزن كبير في واردات المغرب، تتم بالدولار مثل القمح والمحروقات، ما يؤكد استمرار ارتفاع الفاتورة.

ويتوقع الرهج أن تتم مناقشة هذا الموضوع في اجتماع مجلس إدارة بنك المغرب في الأسبوع المقبل، حيث ستكون قراراته ذات تأثير كبير على الاقتصاد الوطني، خاصة القرار الذي له علاقة بسعر الفائدة الرئيسية، الذي لم يعمد البنك إلى رفعه في مارس الماضي، رغم مستوى التضخم، الذي يتوقع البنك المركزي المغربي أن يقفز في العام الحالي إلي 4.7 في المائة، حسب تقديرات مارس الماضي.

تكلفة أكبر في المقتنيات الخارجية

وعلى مستوى الطاقة، أبرز الأستاذ الجامعي والمحلل الاقتصادي أن استيراد المغرب للطاقة سيجعله سجين الظرفية الدولية، والتي تطغى عليها الحرب الأوكرانية الروسية، مشيرا إلى دخول العالم في حالة اللا يقين بخصوص مستقبل الأسعار والحروب القادمة.

وأشار إلى أن المملكة تستورد التجهيزات لتنمية البلاد سواء بالقطاع العام أو الخاص، إضافة إلى الطاقة والمواد الأولية، وهي كلها أساسيات يؤدى ثمنها بالدولار، مبرزا أن كل ما يقع في الولايات المتحدة سينعكس حتما على المملكة، خاصة في ظل انخفاض قيمة الدرهم أسبوعا بعد أسبوع مقارنة بالدولار، الذي يبقى العملة الوحيدة التي تفرض نفسها في السوق العالمية.

ويتجلى أن ارتفاع قيمة الدولار سينعكس على سعر النفط الخام والنفط المكرر، ما سيرفع قيمة مشتريات المغرب من الطاقة، بما قد يؤثر على فاتورة وارداتها، ويرفع الضغط على سعر الاستهلاك.

صادرات الفوسفاط .. نقطة إيجابية

أما على مستوى الصادرات، فقد اعتبر الرهج أنها جد محدودة مقارنة بالواردات، إلا أنها، يقول مستدركا، تظل نقطة إيجابية في ظل هذا الارتفاع، موضحا أن الجانب الإيجابي يتعلق أساسا بالفوسفاط الذي يتم تصديره على الصعيد العالمي.

وأبرز الرهج أن ارتفاع سعر الدولار يعد امتيازا بالنسبة لصادرات المغرب من الفوسفاط ومشتقاته، نظرا لكون المكتب الشريف للفوسفاط استطاع مضاعفة صادراته، خاصة من الأسمدة التي تضاعفت، كذلك أسعارها في السوق الدولية.

وبناء على هذه المعطيات، خلص الأستاذ الجامعي إلى أن ارتفاع سعر الدولار نظرا لقرارات الحكومة الأمريكية الرامية إلى مراجعة السعر الرئيسي، له نقاط سلبية تتجلى أساسا في ارتفاع قيمة الدين الخارجي وواردات الطاقة، مقابل نقطة إيجابية تتعلق بالصادرات؛ خاصة التي تتم عن طريق المكتب الشريف للفوسفاط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار